المرأة القطرية والوظائف غير التقليدية.. هل تغيرت نظرة المجتمع؟

صورة لمجندات قطريات في الجيش القطري أثناء احتفالات اليوم الوطني – صورة مؤرشفة من الانترنت

الدوحة -قطر

آمنة المالكي – رائدات

شهدت السنوات الأخيرة في قطر تحولًا نوعيًا في مسيرة تمكين المرأة القطرية، حيث أصبحت تحتل مكانة بارزة في مجالات عمل غير تقليدية، وهو ما يعكس تغيرًا في النظرة المجتمعية تجاه قدراتها وأدوارها المهنية، فبعد عقود طويلة من التركيز على القطاعات التقليدية مثل التعليم والصحة والإدارة، باتت القطريات يشغلن مناصب مؤثرة في مجالات مثل الهندسة، الطيران، القضاء، الدبلوماسية، الرياضة، الأمن، والتكنولوجيا، وهي وظائف كانت تُعد سابقًا حكرًا على الرجال.

تمكين المرأة في الوظائف غير التقليدية.. دعم حكومي ورؤية مستقبلية

ويأتي هذا التطور في إطار رؤية قطر الوطنية 2030، التي تضع التنمية البشرية وتمكين المرأة ضمن أولوياتها الرئيسية، حيث تبنّت الدولة استراتيجيات تضمن تكافؤ الفرص بين الجنسين وتساعد النساء على تحقيق طموحاتهن المهنية وقد ساهمت التعديلات التشريعية والسياسات الداعمة في إزالة العديد من العقبات التي كانت تواجه المرأة في بعض القطاعات، حيث تم اعتماد قوانين تضمن المساواة في التوظيف، وتوسيع نطاق الحوافز التشجيعية التي تدعم التحاق المرأة بالوظائف التخصصية والمهنية.

ووفقًا لتقارير رسمية لوزارة العمل القطرية ، فإن نسبة القطريات العاملات في الوظائف غير التقليدية ارتفعت بنسبة 40% خلال العقد الأخير، حيث أظهرت الإحصائيات أن النساء القطريات يمثلن الآن نسبة متزايدة في مجالات مثل الهندسة المعمارية، الطيران التجاري، الإعلام الرياضي، والقطاع الأمني، كما ارتفع عدد الطالبات القطريات الملتحقات بالتخصصات العلمية والتقنية، ما يؤكد أن الأجيال القادمة من النساء في قطر سيكون لهن حضور أقوى في ميادين العمل التخصصية.

تحولات اجتماعية وتحديات قائمة

وبرغم هذا التقدم الملحوظ، لا تزال هناك تحديات اجتماعية وثقافية تواجه المرأة القطرية في بعض القطاعات، حيث تظل التصورات النمطية حول طبيعة عمل المرأة تشكل عقبة أمام انخراطها الكامل في بعض المجالات ورغم أن المجتمع القطري أصبح أكثر انفتاحًا على فكرة عمل المرأة في وظائف غير تقليدية، إلا أن بعض العوائق الثقافية لا تزال تؤثر على خيارات النساء فيما يتعلق بالمهن الميدانية أو التي تتطلب بيئات عمل مختلطة.

كما أن طبيعة بعض الوظائف التي تتطلب ساعات عمل طويلة أو السفر المستمر تشكل تحديًا للمرأة التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين حياتها المهنية والأسرية، ولهذا السبب تعمل المؤسسات القطرية على تطوير بيئات عمل أكثر مرونة من خلال توفير سياسات مثل العمل عن بُعد، ساعات العمل المرنة، وبرامج الدعم المهني للأمهات العاملات، مما يسهم في تعزيز حضور المرأة في مجالات العمل المتنوعة.

المرأة القطرية في المراكز القيادية.. أدوار مؤثرة في صنع القرار

ولا يقتصر انخراط المرأة القطرية في الوظائف غير التقليدية على الجوانب الفنية والمهنية فقط، بل امتد ليشمل المراكز القيادية وصنع القرار، فقد شهدت السنوات الأخيرة تعيين عدد من النساء القطريات في المناصب الوزارية والدبلوماسية والقضائية، ما يعكس التزام الدولة بتمكين المرأة في جميع القطاعات.

كما شهد القطاع الاقتصادي حضورًا قويًا لرائدات الأعمال القطريات، حيث تم إنشاء العديد من المؤسسات والمشروعات الناجحة التي تقودها نساء قطريات في مجالات التكنولوجيا، الابتكار، والطاقة المتجددة، وقد ساهمت هذه الخطوات في تغيير المفاهيم حول دور المرأة في الاقتصاد القطري، حيث باتت تشارك في التنمية الاقتصادية جنبًا إلى جنب مع الرجل.

مستقبل المرأة القطرية في الوظائف غير التقليدية.. إلى أين؟

ومع استمرار جهود الدولة في تمكين المرأة وتعزيز فرصها في سوق العمل، تشير التوقعات إلى أن السنوات القادمة ستشهد توسعًا أكبر في حضور المرأة القطرية في الوظائف المتخصصة فمن المتوقع أن تزداد نسب النساء العاملات في المجالات التقنية والرقمية مع تنامي الاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث بدأت العديد من القطريات في اقتحام هذا المجال الذي يُعد من أهم القطاعات المستقبلية.

كما يتوقع الخبراء أن يشهد قطاع الرياضة والإعلام الرياضي مزيدًا من المشاركة النسائية، خاصة بعد النجاح الذي حققته المرأة القطرية في بعض المنافسات الرياضية والمبادرات الإعلامية.

وقد بات من الواضح أن المرأة القطرية لم تعد مجرد عنصر مكمل في سوق العمل، بل أصبحت قوة دافعة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ومع الدعم المستمر من القيادة القطرية، والتطور السريع في سياسات العمل، يبدو أن المستقبل يحمل فرصًا غير محدودة للنساء في قطر، حيث تستمر في كسر الحواجز، وإثبات جدارتها في كافة الميادين، لتكون شريكًا رئيسيًا في بناء قطر الحديثة.

وبذلك، فإن السؤال لم يعد هل تستطيع المرأة القطرية العمل في هذه المجالات؟، بل أصبح ما الذي يمنعها من تحقيق المزيد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *